الجمعة، 30 مارس 2012

قصة في التربية


كثيرا ما أحب الجلوس بين الشابات وبخاصة من هن في العشرينات حيث أن أحاديثهن محببة وليست كأحاديث النساء عن الطبخ و مشاكل الازواج ... ومن خلال معاملتي مع هذه الفئة من الفتيات وجدت طرقا في التربية قد استحدثتها الأمهات !! حيث ترى بعضا من هؤلاء البنات يتفاخرن بأنهن لا يعرفن شيئا في الحياة وأنهن مدللات !! بينما كان من المعيب في زماننا أن نتفاخر بأننا لا نعرف شيئا.. مهما كنا بنات عائلات ومرفهات !! ومهما حوت بيوتنا من خادمات!!
ومن خلال معايشتي لهذه الفئة وبحكم أن جدي قد ربانا من خلال السرد و القصة وليس من خلال الصراخ والعصا أحببت أن أكتب لكم بعض القصص التربوية علّها تفيدكم .... وأترك استناج العبرة لكم........
مع العلم أن هذه القصص غير منقولة من أي مكان وإنما عاينتها بنفسي في الحياة

القصة الاولى:
أعرف جَداً وله أحفاد كُثر .. وكان هذا الجد مزارعاً متمرّسا يعرف في أمور النبات وكيفية العناية به ويعرف أنواع السماد !! وقد أذهل عمله واحد من الأحفاد !! فتقدم إلى الجد يطلب منه أن يعلمه صنعته .. فأجابه الجد إلى طلبه .. ومضى به إلى حديقته .. قائلا عليك أن تعمل ما أعمل !! ثم ناوله شتلة وطلب منه أن يحفر حفرة قائلا سوف أزرع أنا شجرة وأنت كذلك ستزرع شجرة.. وستمر الأيام وخلالها سأريك كيف تعاملها لتصبح مورقة و مثمرة !!
وهكذا أهال كل منهما التراب على الشتلة وسقاها .. على وعد من الجد للحفيد أن يعلمه كيف يرعاها .. وهكذا كانت تمر الأيام يتشارك خلالها الاثنان نفس السقيا و نفس الرعاية .. لكن حدث أمر مستغرب للغاية !! إذ أن شجرة الجد صارت تكبر وتزهر .. بينما شجرة الحفيد أضحت تذوي وتزبل !!
مع أنه من المفترض أنهما يقومان بنفس العمل .. فلم هذا حصل !!
وهنا ينتبه الجد إلى أنه لابد من أمر خفي لم يطلعه حفيده عليه .. فيقول : يا بني اصدقني القول هل كنت حقا تفعل ما أفعل ؟ أم أنك كنت تقوم بأمر ما.. عندما كنت عنك أغفل !!
قال الحفيد: إنني حزين يا جدي .. إذ كيف يحصل هذا لنبتتي وشجرتي ؟! رغم أنني أوليتها زيادة عنك في العناية !! فكيف تموت هكذا في النهاية !!
قال الجد: إذن ما الذي كنت تفعله وأنا أجهله؟ أجاب كنت آتي كل يوم في المساء فاسقيها زيادة من الماء ثم أنثر فوقها مزيدا من السماد !! فانتبه الجد قائلا : لقد قتلتها بكثرة السماد والماء إن كثرة العطاء تفسد الأشياء ..كقلة العطاء!!

ورغم أنني قلت سأترك لكم استنتاج العبرة .. إلآ أنني أريد أن أنوه إلى كثرة هذه الزمرة !! التي تعودت أن تأخذ فوق الحد الطبيعي .. ففسدت و أفسدت المجتمع .. و أتوجه بكلامي للآباء و الأمهات لأقول هناك حد يجب أن لا نتخطاه مهما أوتينا من السلطة و المال و الجاه يجب أن لا يعوّل أولادنا على هذا في الحياة يجب أن يأخذوا بحساب مهما كانت الأسباب!! كم أصبحت أرى أختلافا لا يطاق بين جيل من الآباء كان يحمل المسؤولية ويقدر الأشياء وجيل من الأبناء يعرف الأخذ ولا يقدر على العطاء !!
إن كثرة الدلال للأولاد تفسد !! كتلك النبتة .. ماتت قبل أن تتفتح منها وردة !!
فهل إلى سبيل في التربية .. معتدل .. لا إلى الميوعة يميل ولا إلى القسوة!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق